الابتكار و ريادة الأعمال في العملاقة سيسكو CISCO – دروس للاستفادة

   

الرابط المختصر:

استمعت مؤخرا لمحاضرة ألقتها المسؤولة الأولى للتقنية و الإستراتيجيات (Chief Technology and Strategy Officer) في شركة سيسكو (CISCO) العالمية، و التي تحدثت في جزء من محاضرتها عن توجه شركة سيسكو في جانب الابتكار و ريادة الأعمال، و كيف تستفيد بشكل مستمر من الأنشطة في هذا الجانب في تقوية مكانة الشركة و تطويرها.

شركة سيسكو تعتبر أحد الشركات العملاقة العالمية المتخصصة أساسا في مجال الشبكات و الإتصالات. إذا كنت تعمل في جهة ما و كانت هنالك شبكات أو راوترات للشبكة الداخلية، في الغالب، هذه الأجهزة تحمل إسم سيسكو.

ما شدني كثيراً في المحاضرة هو كيف أن الشركة لديها توجه قوي و فعال فيما يتعلق بالابتكار و ريادة الأعمال، استعرض بعض ما تقوم به في هذا الجانب على شكل مجموعة من النقاط أدناه.

 

البحث المستمر عن فرص تستحق الإستحواذ

تقوم شركة سيسكو بشكل مستمر بعمل مسح للسوق، و بناء خريطة توضح مختلف الشركات التي تعمل في مجالات قريبة من مجالات الشركة لدرجة أنها على الأغلب لديها إلمام بالشركات هذه، تطورها، و لديها أيا خطة واضحة فيما يتعلق بأي من هذه الشركات يفضل الإستحواذ عليها و متى.

شركة سيسكو و خلال الثلاثين عاماً منذ تأسيسها تقريبا استحوذت على ما يزيد عن ٢٥٠ شركة، لدرجة أنه في الشركة يتمازح الموظفين فيما بينهم في قول أن شركة سيسكو فيها ما يزيد عن ٢٠٠ مدير تنفيذي (Chief Executive Officer). هذه الإستحواذات في الغالب كانت مدروسة و كان الهدف منها: الإستفادة من تقنيات طورتها الشركات التي تم الإستحواذ عليها أو لضم فريق العاملين (Tech and Talent)، الإستحواذ على شركات لديها قابلية في النمو و تغطي جانب فجوة في الشركة (Fill Strategic Gaps)، أو الإستحواذ على منصات خدمات تدر الأرباح (Platforms Acquistions Impacting Revenue).

الإستثمار في الشركات المتميزة

Funding
سيسكو ليس لديها جناح إستثماري معلن عنه، لكنها تخصص الميزانيات أيضا للإستثمار في بعض الشركات التقنية الناشئة خصوصا تلك التي تعمل على تطوير منتجات مكملة أو مفيدة للشركة، كمنتجات الحماية مثلا. بذلك، يكون لها حصة و ربما تأثير أيضا على الشركة سواءاً في دفع نمو الشركة و تطويرها و/أو تمهيد الطريق لاستحواذها مستقبلا.

تشجيع الإبتكار و ريادة الأعمال داخل الشركة


تشجع الشركة الابتكار و الخروج بأفكار جديدة و مناقشتها و تطويرها و توفر الوسائل و قنوات الإتصال المناسبة و التي تساهم في تشجيع الموظفين على الابتكار و إيصال أفكارهم لمتخذي القرار. بعض هذه الأفكار المتميزة تدعمها الشركة بشكل أكبر لدرجة أنها قد تسندها لفريق مختار بعناية ليقوموا ببدء المشروع كشركة ناشئة منفصلة! ليس هذا فحسب، بل تمول سيسكو مثل هذه شركات المتولدة عنها (Spin-off) لتبدأ باختبار و تطبيق القكرة.

من المعروف بطبيعة الحال أن الشركات الكبيرة في الغالب تعاني من قلة المرونة و الروتين و الكثير من الأنظمة التي قد تعطل نمو شركات ناشئة داخلها بالشكل المناسب. لذلك، قرار سيسكو في دفع مثل هذه الأفكار في مشاريع ناشئة خارج الشركة قد يكون الخيار الأفضل لتقليل العوامل التي قد تحد من الإبداع و النمو فيها. تقوم سيسكو بتوفير العديد من المزايا للشركات المتولدة عنها مثل: الدعم، التمويل، و الوصول لشريحة كبيرة من العملاء. هذا و تحتفظ سيسكو بحق الإستحواذ على الشركة إذا رغبت في ذلك مستقبلا.

بطبيعة الحال مثل هذه المشاريع تسندها سيسكو إلى بعض رواد الأعمال من الموظفين و الذين يتم اختيارهم بعناية، و هؤلاء في الغالب لديهم المعرفة، الخبرة، و المهارات اللازمة للعمل في الشركات الناشئة.

الابتكار في نموذج العمل في سيسكو (Business Model Innovation): زعزعة الشركة لنفسها بنفسها

بالإضافة لما ذكر في النقطة السابقة أعلاه من توليد مشاريع و شركات ناشئة من الشركة تقوم بالبحث عن و طرح منتجات أو خدمات، تهتم سيسكو بشكل كبير جدا بنموذج عملها و الابتكار فيه بشكل جذري. لذلك، بعض الشركات و المشاريع المتولدة عن الشركة قد يكون هدفها الأساسي هو تجربة نماذج أعمال جديدة مبتكرة (Disruptive Business Models) قد تزعزع مكانة الشركة الأم و تحصل على جزء من حصتها السوقية أو تفتح أسواقا جديدة. نماذج الأعمال هذه يتم لاحقا الإستفادة منها في الشركة في تطوير نموذج العمل الأساسي، و بذلك، تقوم الشركة بشكل مستمر بتطوير نموذج عملها، و أيضا و هو الأهم، تقوم سيسكو بتجربة نماذج أعمال مختلفة و تزعزع أو تزيح مكانتها في السوق بنفسها، بدلا من أن تدخل شركة منافسة للسوق تقوم بذلك. شركة سيسكو إستفادت من مثل هذه الخطوة حتى الآن في تبديل و تحسين نموذج عملها أكثر من ٣ مرات.

بطبيعة الحال، لا يمكن لأحد أن يترقب و يوقف إمكانية زعزعة شركته في السوق من قبل منافس جديد أكثر إبتكارا، و سيسكو تدرك ذلك جيدا، لكن على الأقل، سيسكو بقيامها بذلك، تقلل من فرص إزاحة مكانتها في السوق بسهولة نظرا لأنها في تطوير و تغيير مستمر مما يزيد من صعوبة فهمها و مجاراتها.

تجربة سيسكو الثرية هذه لا يمكن تطبيقها في الشركات الكبيرة إلا إذا كانت الإدارة العليا مؤمنة تماما بأهمية الإبتكار بشكل مستمر للبقاء في الطليعة أو حتى للبقاء في السوق. الابتكار اليوم، في ظل المنافسة العالمية القوية بين الشركات، هو ضرورة و لم يعد خياراً كما كان الحال عليه في الماضي، و لنا في المناوشات المستمرة ما بين أبل، سامسونج، و سوني، خير مثال.

الرابط المختصر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *