بالنسبة للعديد من رواد الأعمال، تبدأ عملية إطلاق الشركة بالفكرة اللامعة التي تخطر على بالهم ويتصورون فكرة جديدة لمنتج أو خدمة جديدة. ويكون الروادَ في كثير من الأحيان متحمسين جدا للفكرة ويصدّقون أن مزاياها ستكون واضحة للزبائن المحتملين وأنّ الإبداع الواضح فيها سيسهل من عملية بيعها وإيصالها للزبائن.
رواد الأعمال الذين يتفادون هذا الوهم قد يفكرون في مبيعاتهم الأولية كمشكلة الدجاجة والبيضة: حيث يدركون أن الحصول على قبول من العملاء المحتملين هو أولوية قصوى، لكن وإلى حين تصميم وإنشاء المنتج (الذي يتطلب في كثير من الأحيان تأمين التمويل وتجميع فريق عمل والعديد من المهام الأخرى)، كيف يمكنهم اتخاذ إجراء الخطوة الأولى نحو تحقيق المبيعات بدون المنتج؟
كلا الاتجاهين يفشلان في إدراك حقيقة بسيطة: فن البيع أمر أساسي لنجاح أي شركة صغيرة. ومع ذلك، فإن الكثيرين يتجاهلون ذلك ويرجع هذا إلى حد كبير لأنهم لا يتمتعون بخبرة كبيرة في المبيعات وربما لأنهم لم يأخذوا دروسا في كيفية البيع، حتى وإن كان لديهم تعليم رسمي في مجال الأعمال.
بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن التوجيه، قد لا يقدم البحث والمشورة في مجال البيع الكثير من المساعدة؛ لأن الغالبية العظمى من التقنيات والنماذج والاستراتيجيات تستهدف الشركات الكبيرة القائمة وليس الشركات المبتدئة والتي تواجه مجموعة فريدة من المعوقات والمشاكل. وعندما يصل رواد الأعمال إلى المبيعات الأولى، فإنهم غالباً ما يرتكبون أخطاء شائعة، مثل عدم التفكير في المزايا الاستراتيجية لعميل معين أو التنازل ووضع خصم كبير فقط لإتمام عملية البيع.
قائمة العناوين
الأخطاء الشائعة في البيع
نستعرض في هذه المقالة بعض النتائج من دراسة نشرتها Harvard Business Review أجريت على رواد الأعمال في هونغ كونغ، كينيا، المكسيك، نيجيريا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة. أُلقي الضوء في هذه الدراسة على كيفية تعاملهم مع مهمة إجراء مبيعاتهم الأولى وما يرغبون في القيام به بشكل مختلف. بشكل عام، تم التحدث مع ١٢٠ مُؤسِسًا، وكان لدى أكثر من نصفهم خبرة سابقة في مجال الشركات الناشئة. سنناقش تحديدًا خمسة أخطاء شائعة استشهدوا بها بشكل متكرر ونستكشف العوائق التي واجهوها عندما بدأوا في إجراء المبيعات، وكيف قدموا نموذج مبيعات بديل يتناسب بشكل فريد مع ظروف شركاتهم الناشئة.
١. البدء في العمل بتصورك أنت
أكثر من نصف من تمت مقابلتهم في الدراسة قاموا بتطوير منتجاتهم بشكل كامل قبل حصولهم على أي آراء أو انطباعات من العملاء المحتملين. وبإدراك متأخر، ينظر معظم الناس إلى هذا على أنه أحد أشهر الأخطاء، مرددين أحد العبارات المهمة في منهجية Lean Startup لصاحبها (Eric Ries): ابدأ بعرض منتجك أمام المشترين المحتملين من أول يوم. وكما أشار أحد الرؤساء التنفيذيين: سوف تتعلم كثيرًا عندما تتحدث مع خمسة عملاء بل وأكثر مما ستتعلمه من ساعات في دراسة السوق على الكمبيوتر.
يجب أن يكون الهدف هو قياس رد فعل العملاء حول الحل الذي تخطط لبنائه. ومن المفترض، حسب توجيه أحد رواد الأعمال المشاركين أن لاتبني أي شيء إلا إذا بعته، وحاول أن تجعل الناس مهتمين حقًا بشرائه قبل أن تستثمر الكثير من الوقت والجهد فيه.
٢. الفشل في الإصغاء
حتى المؤسسين الذين بدأوا البيع في وقت مبكر قالوا إنهم كانوا يركزون بشكل كبير على اقناع الزبائن المحتملين بمزايا الحل الجديد المقترح ودون إيلاء الاهتمام فيما يعتقده أو يريده الزبون المحتمل مبكرًا. أدرك البعض أن شغفهم وغرورهم جعلهم يستجيبون بشكل سلبي للنقد ودفعهم للتخلي عن بعض الأفكار والتي رأوا فيما بعد أنه من شأنها أن تزيد من قابلية عروضهم للتسويق. وكما ذكر أحد المشاركين في الدراسة: أصغِ إلى التغذية الراجعة من العملاء وأعِد تصميم فكرتك ومنتجك ليتناسب مع ما يريدونه فعلا. ويقول آخر: إن الأمر يتعلق حقاً بفهم ماهية نقطة الحاجة في السوق، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي التحدث مع العملاء المحتملين والتحقق من فاعلية فكرتك مرارًا وتكرارًا. وكما قال أحد رواد الأعمال الأمريكيين الذين أتموا المهمة بشكل صحيح: لم يكن هدف عرضنا للحل على العميل هو شرح ما نفعله، بل إبراز صورة وهمية عن شرحنا بينما كنا نحاول حقًا استخراج المعلومات حول مشاكل العملاء وكيف يمكننا مساعدتهم.
٣. توفير الخصومات
في مواجهة الضغط (من أنفسهم أو مموليهم) لإجراء مبيعات أولية، يقدم العديد من المؤسسين تخفيضات الأسعار بهدف توقيع اتفاقات بيع مبدئية وغالبًا ما تكون هذه الأسعار غير مستدامة مع العملاء. والأسوأ من ذلك، أن التخفيضات انتشرت عند الصناعات الصغيرة بشكل كبير، مما أدى إلى فشل وتعطيل قوة التسعير لديها على المدى الطويل. في وقت لاحق، سيرغب رواد الأعمال في العثور على طرق بديلة لإتمام صفقات بيع أولية، مثل الشحن المجاني أو خصم على الطلبات التي تُجرى قبل تاريخ معين. هذا ويصنح في حال الرغبة في تقديم خصومات مؤقتة توضيح هذا في الاتفاقية المكتوبة.
٤. البيع للعائلة والأصدقاء
تحقيق مبيعات أولية لأفراد العائلة كان أمرًا شائعًا بين رواد الأعمال خارج الولايات المتحدة ولأولئك الذين تتمحور أفكارهم حول المطاعم والملابس وإدارة الثروات. لكنك لا تعرف أبدًا لماذا يشتري منك الأقارب – غالبًا ما يكون دافعهم هو الحب أو الشفقة أو الإحساس بالالتزام وليس بجودة المنتج. في وقت لاحق، لاحظ بعض المؤسسون المشاركين في الدراسة أن تلك المبيعات (المبيعات للأقارب والمعارف) خلقت إحساسًا زائفًا بالفاعلية، وأنهم كانوا سيكونون أفضل حالا لو تابعوا الصفقات الصعبة مع العملاء الذين كانوا سيعطونهم آراء صريحة وواقعية.
٥. الفشل في البحث عن مشترين استراتيجيين
بالنسبة لأصحاب المشاريع الذين يعانون من ضائقة مالية ولا يوجد لديهم سِجِل مبيعات، فإن التشويق في الحصول على أول عملية بيع وأول “نعم” يمكن أن يعميهم عن اعتبارات أخرى. هل يستطيع هذا العميل فتح أبواب جديدة أو التوسع بشكل كبير؟ هل يمكن للعميل توفير بيانات الاستخدام التي يمكن أن تجعل قيمة منتجي أكثر جاذبية وقبولًا؟ تمنّى بعض المؤسسين المشاركين في الدراسة لو أنهم كانوا قد أجروا تقييمًا استراتيجيًا لأول المشترين. اختار آخرون عملائهم الأوائل عمدًا من أجل الحصول على تغذية راجعة (Feedback)، إجراء التجارب الأولية للمنتج مع العملاء، ومن أجل تطوير المنتج بغرض تشجيع العملاء على التعريف به من خلال الإحالات (Referrals) أو عالأقل ليضمنوا عودة العملاء من جديد. هذه المبيعات الاستراتيجية الأولى، والتي تمت بشكل صحيح، غالبا ما أدت إلى نجاحهم على المدى الطويل.
شكرا على الطرح الرائع