جون كوليسون…أصغر ملياردير عصامي في العالم

   
الرابط المختصر:

لعل أول ما قد يخطر على البال عند سماع كلمة “ملياردير”، شخص أخذ منه الزمن سنين عمره وخطه الشيب وعلت وجهه التجاعيد. وقلما يتبادر إلى الذهن أن المقصود هو شاب في مقتبل العمر لم تتخطى سنه الثلاثة عقود؛ الأمر الذي قد يدعو إلى الدهشة والاستغراب، والتساؤل حول إمكانية الوصول إلى مصاف الأثرياء ورجال الأعمال في مرحلة مبكرة من العمر. وفي هذا الصدد، يمكن القول إن النجاح في المضي في طريق النجاح والثروة ليس حكرا على أفراد دون غيرهم، بل هو حق لكل من أدرك هدفه، وسعى بكل ما أوتي من عزيمة وإصرار إلى تحقيقه، غير عابئ بما قد يعترض طريقه من صعاب أو عراقيل، بصرف النظر عن عمره أو جنسه أو لونه. ومما قد يزيد الأمر غرابة الوصول إلى مصاف رجال الأعمال والمال من نقطة الصفر، من خلال الاعتماد على الذات وتنميتها واستغلالها للوصول إلى تلك المرتبة. ولكن، أليس لكل مجتهد نصيب؟ وهل ترانا نسينا تلك المقولة الخالدة: “من جد وجد، ومن سار على الدرب وصل؟”.

ولا بد لمن يستعرض قصص نجاح الأفراد الذين أصبحوا حديث المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل والإعلام أن يتوقف مع قصص العصاميين الذين استطاعوا أن يجنوا ثروات طائلة بجدهم وتعبهم ومتابعتهم لأحلامهم حتى أصبحت حقيقة ماثلة للعيان. ومن هؤلاء، بطل قصتنا، الشاب الإيرلندي الأصل “جون كوليسون” ابن الثامنة والعشرين ربيعًا، الذي استطاع أن يؤسس هو وشقيقه “باتريك” الذي يكبره بعامين، شركة سترايب (Stripe) عام ٢٠١١م، والتي يقع مقرها الرئيس في سان فرانسيسكو. وعلى الرغم من أن هذه الشركة التقنية قد لا تتمتع بشهرة جماهيرية واسعة كغيرها من الشركات؛ إذ أنها لا تبيع منتجات استهلاكية، وإنما تتعامل مع الشركات ببيع برمجيات تمكنها من استلام المدفوعات من خلال الإنترنت، إلا أن عدد عملائها يتجاوز المئة ألف عميل حول العالم، بالرغم من أنها تواجه منافسة قوية من العديد من الشركات العملاقة المشابهة.

البداية والصعوبات

نشأ الأخوان “جون” و”باتريك” في قرية صغيرة في مقاطعة تيبيراري الواقعة غرب أيرلندا، وكانت دراستهما الثانوية في مدرسة ثانوية حكومية في مدينة ليمريك. ولأن طموحهما في الحياة كان كبيرًا، فقد قررا استكمال دراستهما الجامعية في كبريات الجامعات الأمريكية. وقد كان لهما ما أرادا؛ حيث التحق “باتريك” بمعهد (ماساتشوستش) للتكنولوجيا عام ٢٠٠٧م لدراسة الرياضيات. وبعدها بعامين تم قبول “جون” للدراسة في جامعة (هارفرد)، إحدى الجامعات الأمريكية المرموقة. ويذكر أن “جون” استطاع أن يصبح مليونيرًا قبل أن يلتحق بالدراسة في جامعة (هارفرد) وكذلك شقيقه “باتريك”، حينما أسسا مشروعهما التقني الأول “أوكتوماتيك” عام ٢٠٠٧م الذي ساعد الشركات الصغيرة والتجار في تسيير أعمالهم التجارية بسهولة على موقع إي باي “eBay” الشهير. وبطبيعة الحال، لم تكن مهمة الأخوين كوليسون سهلة على الإطلاق؛ فقد واجها الكثير من الصعوبات، وكان أبرز تلك الصعوبات المنافسة العاتية من الشركات القوية التي سبقتهم بكثير في هذا المجال. كما أن مهمتهما لم تكن سهلة في ايجاد التوازن بين الدراسة والعمل، وهو ما دفعهما إلى ترك الجامعة والتركيز على مشروعهما لضمان نجاحه. يضاف إلى ذلك، أنهما لم يسلما من محاولات التثبيط والإحباط من بعض الأشخاص الذين كانوا يرون أن المشروع سخيف ومن المستحيل أن ينجح.


الانطلاق نحو الثروة

لم يمضِ وقت طويل على ولادة مشروع “أوكتوماتيك”؛ حتى قرر الشقيقان كوليسون بيعه بعد سنة واحدة فقط من تأسيسه مقابل مبلغ خمسة ملايين دولار. ولم يركن الشقيقان إلى أنهما أصبحا من أصحاب الملايين، ولم يقعدا عن العمل للاستمتاع بما جنوا كما قد يفعل البعض، بل تواصل عملهما وسعيهما لبناء مشروع جديد أكثر نجاحا وشهرة، ومن هنا كانت انطلاقة مشروعهما المعروف سترايب (Stripe)، حيث واصل الشقيقان العمل عليه بعد توقفهما عن الدراسة في الجامعة، ليتم إطلاقه في وادي السيليكون بكاليفورنيا. وقد أصبح فيما بعد شركة ناجحة يعمل فيها نحو ٧٥٠ موظفًا، وتمتلك مكاتب في بعض المدن الأوروبية أهمها لندن وباريس وبرلين ودبلن.

وتقوم فكرة سترايب (Stripe) على تقاضي مبلغ معين لقاء كل صفقة تتم عند استخدام بوابة الدفع التقنية التي تقدمها الشركة من قبل العملاء المنتشرين حول العالم. كما أن الخدمة التي تقدمها سترايب (Stripe) تتيح للشركات تحصيل المدفوعات على منتجاتها بسهولة وأمان، وتمكنها من إدارة مواقعها الإلكترونية وتخزين بيانات العملاء والمخازن، والعديد من الأنظمة الأمنية المماثلة التي تحفظ لكل شركة بياناتها الداخلية بشكل أفضل وأكثر سهولة.

ولأنه لا بد لأي مشروع أن يواجه بعض الصعوبات في بدايته، فقد كانت أكبر الصعوبات مسألة التمويل في البداية، وكيفية جمع المال من المستخدمين والتفكير في المنتج أو الخدمة التي يرغب العملاء بها. إلا أن الشقيقين “جون” و”باتريك” تمكنا من تذليل هذه الصعوبات بفضل عزيمتهما وإصرارهما على النجاح والعمل المتواصل.

ويتقاسم الشقيقان أعباء ومسؤوليات إدارة العمل في شركتهما بأنفسهما؛ حيث يقضي “جون”، وهو رئيس الشركة، معظم وقته في التعامل مع الأمور الخارجية، كمتابعة الصفقات والشراكات. بينما يتولى “باتريك” المسؤوليات الداخلية للشركة، التي تقدر قيمتها بنحو ٩.٢ مليار دولار.

ويبدو أن “جون” واثق تمامًا من إمكانات النمو المستقبلية لسترايب (Stripe)؛ وخاصة أن العالم يشهد نموًا مضطردًا في الأعمال الرقمية. وفي هذا الصدد يقول “جون”: قد تتساءل ما هو الصعب في بدء عمل تجاري على الإنترنت، وخلق منتج يريد الناس شراءه. وقد يكون هذا سهلًا، إلا أن الصعوبة الحقيقية تكمن في الحصول على المال من الناس عبر الإنترنت؛ حيث يمثل الإنفاق الاستهلاكي عبر الإنترنت عالميًا ٥ % فقط ونحن نريد زيادة تلك النسبة. وهذا يشير إلى أن “جون” يسعى من خلال سترايب (Stripe) إلى زيادة نسبة الإنفاق الاستهلاكي عبر الإنترنت، وهو هدف استراتيجي يبدو أنه سيتحقق خلال فترة زمنية قصيرة؛ نظرا للإقبال المتزايد على التجارة الإلكترونية.

وحينما يُسأل “جون” عن معنى كونه مليارديرًا يجيب: “في الغالب، لا يعدو الأمر ممارسة عمليات حسابية على الآلة الحاسبة”، ويتابع قائلا: “التقييم المتوقع لنا مبني على الاستمرار في تنفيذ وإطلاق منتجات مقنعة جدًا في فضاء تنافسي للغاية، وهذه مؤشرات جيدة، ولكن لا يزال هناك الكثير أمامنا للقيام به”.

وبحسب مجلة فوربس المتخصصة في تتبع وحساب ثروات الأغنياء والمشاهير، فإن ثروة “جون” و “باتريك” تبلغ حوالي ١.١ مليار دولار لكل منهما، وهو ما يمكن اعتباره إنجازًا بالنسبة إلى شابين ينحدران من الريف الأيرلندي، ولم يكملا دراستهما الجامعية.


الدروس المستفادة

  • النجاح في العمل لا يعترف بحدود السن؛ فكما قلنا سابقا أن لكل مجتهد نصيب وأن من جد وجد ومن سار على الدرب وصل. وكل من يعمل بجد واجتهاد لا بد أن يصل، مهما كانت التحديات.
  • لا ينتج النجاح إلا بعد المعاناة؛ فقلما نجد من حقق نجاحا بدون أن يعاني من صعوبات.
  • تجاوز المحبطين ولا تلتفت إليهم؛ فالناس لا يحبون أن يروا من يذكرهم بعجزهم وتقاعسهم.
  • كلما استطعت أن تحقق فكرة وتنجح فيها، إبدأ بفكرة جديدة ولا تركن إلى ما أنجزته.
الرابط المختصر:

1 فكرة عن “جون كوليسون…أصغر ملياردير عصامي في العالم”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *